رحم الله القاضي العلامة الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني
مواقف في حياة القاضي محمد اسماعيل العمراني
ما رأيت أحدا من أهل العلم والفضل بمثل تواضعه وبساطته ونكرانه لذاته .
وبالرغم أنني تشرفت بالتتلمذ على يديه لفترة قصيرة فقط ، قرابة العام والنصف ، إلا أنني حفظت عنه أكثر من غيره ، وذلك لبراعة أسلوبه الذي كان يجمع بين العمق والبساطة في آن واحد .
وكم سمعت منه عقب محاضراته وقبل قراءة الأسئلة المقدمة إليه للإجابة عليها عبارات يقول فيها ( كن أسألوني في المسائل الصغار ، المسائل الكبار خلوها للعلماء الكبار اسألوهم فيها )
وذات كنت برفقة أحد الزملاء والذي كانت لديه سيارة ( تكس ) ننوي مغادرة الجامعة ورأينا القاضي العمراني رحمه الله جالسا على كرسي في أحد أروقة الجامعة ، ففهمنا أنه في انتظار الدكتور عبدالكريم زيدان رحمه الله لينهي محاضرته ليعودا معا على متن الباص الذي كان مكلفا بإيصالها من وإلى الجامعة ، فعرضنا عليه أن نوصله معنا ، فقال لنا : لا ياعيالي أنا شا انتظر الدكتور عبدالكريم قد بين افرح أسير وأجي معه استفيد لي كلمتين .
لم يكن القاضي العمراني من طلاب الدنيا ، بل لم يكن لها أي وزن في قلبه إطلاقا ، يدرك ذلك ببساطة كل من عايشه ولو بحضور دروسه ومحاضراته فقط ، ولذلك فهو أبعد الناس عن التعصب لمذهب أو حزب أو جماعة ، وما يفتي به نتاج علم وليس نتاج توجه او انتماء .
وقد كان رحمه الله يتمير بذاكرة حديدية عجيبه ، يدل على ذلك سرعة استحضاره للآراء والمذاهب في المسألة بمجرد طرحها عليه ، وكذلك استحضاره لأحداث مضى عليها عقود بشخوصها وظروفها وزمانها ومكانها .
لقد فقدت اليمن علما من أعلامها الكبار ، وموسوعة قل أن يلد الزمان لها نظيرا ، فهو شوكاني هذا الجيل فضلا وعلما وطريقة .
أحسن الله عزاء الشعب اليمني والأمة الإسلامية في رحيله ، وتقبله في عباده الصالحين .
إنا لله وإنا إليه راجعون .